لا شك في أن ابراهيم طوقان أكبر شاعراً أنجبته فلسطين حتى أواخر العقد الرابع من هذا القرن. وقد خضع إبراهيم في نظرته إلى الشعر وفي تصوره لطبيعته لمبدأين نقديين كان لهما أثرهما العميق في توجيه شعره نفسه. أما المبدأ الأول فقد عبر عنه بقوله: "الشعر نكتة، قد يحسن الشاعر قولها وقد لا يحسن، وقد (يلقطفها) القارئ أو السامع وقد تفوتهما، وكما أن الإنسان لا يجوز أن يحكم عليه بمخالطة في جلسة أو جلستين فكذلك لا يجوز أن يحكم على الشعر بقصيدة أو قصيدتين. أما المبدأ الثاني فهو إيمانه أن الشعر عبارات نثرية موزونة لا أثر لكن الخاطر عليها، بل اتفق لها هي أن تكون موزونة. وهذان المبدآن يصلان إبراهيم بالشعر الانكليزي وصلاً وثيقاً، غير أن هذا الربط بين تصدر إبراهيم للشعر وثقافته الغربية لا يعني أنه خرج بهذين المبدأين عن سياق النقد العربي، هذا وأن الدراسة التطورية تفيد بأن شعر إبراهيم بلغ ثلاث ذوي متعاقبة: ذروة الحب، وذروة الشهوة، وذروة المشكلة الوطنية.
لقد كانت هذه التيارات متجاورة في نفسه، ولكن الحب كان هو القوة العاتية منذ أن فجرته في صدره فتاة كفركنه (1924-1932) وقد كانت الموضوعات الأخرى تقتبس من لهجه إذا شاءت أن تعيش إلى جواره ومهما يكن من شيء، فلقد كان لشعر إبراهيم طوقان أثره عن الشعراء المحدثين، فقد كان رائداً من روادهم، جرأهم بالتنويع في داخل القصيدة الكبيرة على تنويعات من نوع جديد، ومن خلال البساطة المنفردة بوضوحها والتي شاءها مجالاً للشعر فتح لهم الباب إلى خلف دهاليز الغموض، وعن طريق الالتزام بقضية وطنه أعطاهم درساً عميقاً في أن الارتباط بقضية الشعب لا بد أن يتم أولاً على مستوى التعبير "الدارج" المؤثر الموجي، الذي يعي أن الشعر مطهر ضروري لتصفية المبتذل والمألوف وهذه اللمحات يمكن للقارئ تلمسها من خلال أعمال إبراهيم طوقان الشعرية الكاملة التي هي طي هذا الكتاب.
حجم الكتاب: 5.8 ميجا بايت عدد صفحات الكتاب: 301 صفحة نوع الملف: PDF تحميل قراءة